في إحدى الليالي الصيفية، عندما كانت النجوم تتلألأ كحبات الماس في سماء غامضة وجميلة، كان هناك أرنب صغير يُدعى “قفزون”. كان قفزون أرنبًا فضوليًا ومغامرًا، يحب استكشاف الغابة التي يعيش فيها. كان لديه فرو أبيض ناعم وذيل قصير وممتلئ، وعينان لامعتان تلمعان بالفضول. كان يعيش في جحر دافئ ومريح تحت شجرة بلوط كبيرة، مع والدته ووالده وإخوته الصغار.

في تلك الليلة، بينما كانت عائلته نائمة بسلام، تسلل قفزون خارج الجحر بهدوء. كان يحمل في قلبه حلمًا كبيرًا: أن يجد زهرة القمر الأسطورية، وهي زهرة تزهر مرة واحدة فقط في السنة، ويُقال إنها تمنح الأمنيات لمن يجدها. سمع عنها من حكايات جدته القديمة، وكانت تلك الحكايات تملأ رأسه بالصور الساحرة لتلك الزهرة المتوهجة.
سار قفزون بخطوات صغيرة وحذرة عبر العشب الرطب. كان القمر الكامل يضيء طريقه، يلقي بظلال طويلة وغريبة على الأشجار. سمع أصوات الليل الهادئة: حفيف الأوراق، زقزقة الصراصير، وصوت بومة بعيدة. لم يكن خائفًا، بل كان متحمسًا لمغامرته.

واجه قفزون العديد من التحديات في طريقه. في البداية، وصل إلى نهر صغير متلألئ. كان الماء يتدفق بسرعة، وبدا واسعًا جدًا بالنسبة لأرنب صغير مثله. جلس قفزون على الضفة، يفكر في طريقة للعبور. فجأة، رأى سلحفاة كبيرة وصديقة تُدعى “حكيم” تسبح ببطء نحو الضفة. “مرحبًا أيها الأرنب الصغير، إلى أين أنت ذاهب في هذه الليلة الجميلة؟” سألت السلحفاة بصوت بطيء وعميق. شرح قفزون لحكيم عن رحلته للبحث عن زهرة القمر. ابتسمت السلحفاة وقالت: “زهرة القمر! إنها رحلة طويلة يا صديقي الصغير. يمكنني أن أساعدك في عبور النهر.” ركب قفزون على ظهر السلحفاة، وعبر النهر بأمان. شكر قفزون حكيم بحرارة، وودعه، ثم واصل طريقه

بعد فترة، وصل قفزون إلى غابة مظلمة وكثيفة الأشجار. كانت الأشجار طويلة جدًا، وأغصانها متشابكة، مما جعل الضوء بالكاد يصل إلى الأرض. شعر قفزون ببعض الخوف، لكنه تذكر هدفه واستمر في السير. التقى هناك بسنجاب مرح يُدعى “رشيق”. “مرحبًا أيها الأرنب! ماذا تفعل في هذه الغابة المظلمة وحدك؟” سأل رشيق وهو يقفز بين الأغصان. أخبر قفزون رشيقًا عن زهرة القمر. قال رشيق: “زهرة القمر! سمعت عنها. إنها موجودة في أعمق جزء من هذه الغابة. يمكنني أن أرشدك إلى هناك، ولكن عليك أن تكون سريعًا مثلي!” قفز رشيق من شجرة إلى أخرى، وقاد قفزون عبر المسارات المتعرجة بين الأشجار. كان قفزون يركض بأقصى سرعة لديه، بالكاد يلحق برشيق. بعد فترة، وصلا إلى فتحة صغيرة في الغابة.

عندما خرجا من الغابة المظلمة، وجد قفزون نفسه في وادٍ سري وجميل. كان الوادي مليئًا بالزهور المتفتحة، تتلألأ تحت ضوء القمر. في وسط الوادي، رأى قفزون زهرة متوهجة بلون فضي يميل إلى الأزرق، تنبعث منها هالة من الضوء الساحر. كانت تلك هي زهرة القمر!
اقترب قفزون ببطء، وقلبه ينبض بسعادة غامرة. كانت الزهرة أجمل مما تخيل، وأكثر سحرًا. جلس قفزون أمام الزهرة، يفكر في الأمنية التي سيطلبها. هل يطلب الكثير من الجزر اللذيذة؟ أم أن يكون الأسرع في الغابة؟ فكر قفزون في عائلته، في والديه وإخوته الصغار. تذكر الدفء والحب في جحرهم. أدرك أن أمنيته الحقيقية ليست شيئًا لنفسه، بل شيئًا لعائلته وللغابة بأكملها. قرر قفزون أن يتمنى أن تبقى الغابة جميلة وآمنة لجميع الحيوانات، وأن يعم السلام والمحبة بين الجميع.
